مواقف فلسفية، العقلانية العلمية

0 التعليقات
تطرقنا في المحور الأول من مفهوم النظرية والتجربة الى مجموعة من المواقف الفلسفية التي يمكن الإطلاع عليها من هنا 
أما الان فأتركك مع المحور الثاني.

مواقف فلسفية، العقلانية العلمية





الاشكال المحوري: ما طبيعة العقلانية العلمية؟ هل هي عقلانية متعالية منغلقة على نفسها تنهل من الفلسفة و الميتافيزيقا أم أنها عقلانية منفتحة ومطبقة على الواقع و تنهل من التجربة الاختبارية ؟ هل العقل في العلم متعالي أم أنه في علاقة جدلية مع الواقع؟

اينشتاين

يدافع عن الطابع الابداعي للعقلانية العلمية ويضع المبدأ الخلاق في العقل والرياضيات مادام تاريخ العلم الحديث يشهد بأن الطبيعة أجابت دائما على أسئلة مصاغة بلغة رياضية؛ ويلتقي بذلك مع التصورات الابستملوجية التي لم تعد تعتقد في قدرة التجريب وحده على التحليل السببي للظواهر.
لاينكر إينشاتن أهمية التطابق مع التجربة كمعيار لتحديد فائدة الإنشاءات العقلية التي تظل بدون ذلك مجرد بناءات عقلية حرة، بيد أنه لايخفي مع ذلك ثقته في قدرة العقل على معرفة قوانين العالم الفيزيائي وتقديم صورة أكثر دقة عن هذا العالم الذي يشبه ساعة يدوية لاسبيل إلى فتحها، بل يتعين إنطلاقا من شكلها ومحيط دائرتها المتدرج وحركة العقارب والنبضات بناء أنساق ونماذج أقرب ماتكون إلى تمثيل الميكانيزم الداخلي المسؤول عن هذه المظاهر،
تبدو العقلانية العلمية مع أينشتاين تصديقا لحلم القدماء وطموحهم لفهم الواقع إنطلاقا من الفكر الخالص.،
ولكن ألا يسقطنا موقف إينشتاين في مزالق تصور مثالي للعقلانية العلمية؟ وهو المنزلق الذي يتهدد كل التصورات العقلانية قديما وحديثا، وذلك عندما يعتقد أن للعقل قوة خاصة به، يكتشف بواسطتها القوانين العامة للعالم الفزيائي؟
ألا ينبغي التشديد بالمقابل على الخاصية التجريبية للعقلانية العلمية؟

رايشنباخ

يرى أن المعرفة العلمية معقولة ، ولكنه ينكر أن تكون عقلانية إذا فهم من هذه الأخيرة ذلك المذهب الفلسفي الذي تجعل العقل مصدرا لمعرفة العالم الفيزيائي
إن المعرفة العلمية معقولة لأنها تستخدم العقل مطبقا على مادة الملاحظة، مادام أن الملاحظة التجريبية هي مصدر للحقيقة عند
رايشنباخ
وغيرهم من فلاسفة الوضعية المنطقية، لكنها ليست عقلانية لأنها لا تتخد العقل مصدرا للمعرفة التركيبية المتعلقة بالعالم. ويرى رايشنباخ أن القرنين التاسع عشر والعشرين قد هيأ أخيرا وسائل تنفيد برنامج الفلسفة التجريبية القائل بأن كل حقيقة تركيبية تستمد من الملاحظة وأن كل امايسهم به العقل في المعرفة ذو طبيعة تحليلية.
وإذا كانت نجاحات المنهج الفرضي الاستنباطي في الرياضيات وفي الفيزياء اللنظرية تغذي ضروب الثقة في العقل، فإن رايشنباخ لايفوته أن يعتبر علماء الرياضيات أكثر من غيرهم عرضة للسقوط في تصور صوفي مثالي للعقلانية العلمية لما يعاينونه في علمهم من نجاح لمنهج الاستنباط المنطقي والاستبصار العقلي المستغني عن الإدراك الحسي.
إن الرياضيات شأنها شأن المنطق معرفة تحليلية، بيد أن معرفة الواقع الفيزيائي تستدعي معرفة تركيبية لا غنى لها عن الملاحظة.
وهكذا تنتهي الوضعية إلى تصور "أقل عقلانية" للعقلانية العلمية.
يوجه كل من 

بلانشي وباشلار

نقدا لاذغا مزدوجا لكل من النزعتين العقلانية و التجريبية بحيث يدعوان الى عقلانية علمية منفتحة فيها حوار جدلي متواصل بين العقل و التجربة :
انها عقلانية تجريبية مستعدة دوما لمراجعة ذاتها.
فالتجربة في حاجة دائمة الى الفهم(العقل), والعقل في حاجة مستمرة للتطبيق(الواقع) فالتجربة بدون قوانين واضحة ومنسجمة لا يمكن أن تشكل موضوع تفكير.
و العقل اذ لم يستنذ الى حجج ملموسة و تطبيقات على الواقع لا يمكن له أن يقنع نهائيا.
يقول بشلار"لا تتشكل العقلانية داخل وعي معزول عن الواقع, كما أن المادية التقنية ليست على الاطلاق بواقعية فلسفية, فالماد التقنية تلائم بشكل أساسي واقعا محولا و مصححا, واقعا يحمل بامتياز طابعا عقلانيا".

مواقف فلسفية، التجربة و التجريب

0 التعليقات
مواقف فلسفية، التجربة و التجريب


لماذا التمييز بين التجربة و التجريب؟

فرديناند ألكييه

يحلل مفهوم التجربة بوصفه اختبارا لوقائع متمايزة عن الذات في مقابل الخيالات والأماني واختلاقات الذهن، وبذلك فالخاصية الأساسية للتجربة-حسب آلكيي – كامنة في خضوع الذات وسلبيتها وهي تتقبل المعطى، وهذه السلبية موجودة في كل معرفة إنسانية، كما أن عنصر الخضوع والتلقي يجعل من كل تجربة معاناة وتحملا. وينتهي آلكيي إلى أن واقعة ما أو إحساسا أو فكرة أو حقيقة لا تكون معطاة من طرف التجربة إلا عندما تكون موضع معاينة خالصة تستبعد كل اصطناع أو تدخل أو بناء من طرف الفكر.
"يشير المفهوم الفلسفي للتجربة إذن إلى "تجربة خالصة" لاتجريب فيها أبدا؛ تدل كلمة "تجربة" على ذلك عنصر السلبية الموجود في كل معرفة إنسانية".

كلود برنارد

 يرى أن المعرفة العلمية قائمة على التجريب كمنهج يتميز عن التجربة باعتبارها ظاهرة معطاة, بينما التجريب كعملية اعادة احياء الظاهرة مخبريا وفق شروط موجهة بأسئلة محددة ومؤطرة بفرضية و الغرض من هذا هو التحقق من صحة الفرضية.
فالحادث يوحي بالفكرة و الفكرة تقود الى التجربة و التجربة تختبر الفكرة.
وخطوات المنهج التجريبي هي : (الملاحظة_ الفرضية_التجربة _ القانون).
ويضيف برنارد إن عقل العالم يوجد دوما بين ملاحظتين:
الملاحظة الأولى تسمح للعالم بالتعرف على الظاهرة ومعاينتها، وتولد في ذهنه سلسلة من الاستدلالات هدفها تفسير الوقائع الملاحظة بواسطة مجموعة من المبادئ والفرضيات ثم تصور عدة تجريبية لاختبارها
الملاحظة الثانية تواكب التجريب وتعقبه، حيث يقوم العالم بمعاينة النتائج التي أحدثها تدخله في الظاهرة المدروسة لكي يسجل جواب الظاهرة على سؤاله.

ينتقد روني طوم الوضعية التجريبية لأنها غارقة في المنهج التجريبي.
فالتجريب وحده غير كاف لانتاج المعرفة العلمية, وأن العقل يضطلع بدور هام كما يتجلى ذلك في صياغة الفروض مثلا. فروني طوم يعتبرأن التجربة الذهنية الخيالية تسفر عن نتائج لا تقل مصداقية عن الحقائق التجريبية الوضعية, وتاريخ العلم الطبيعي يؤكد ضرورة التجربة الذهنية (الخيال) خصوصا الانتقال الى دراسة الظواهر "الميكروسكوبية" في الفيزياء المعاصرة.
سفيان ايشو
تابع القراءة

مواقف فلسفية،الدولة بين الحق و العنف.

0 التعليقات
تطرقنا في المحور الثاني من مفهوم الدولة الى مجموعة من المواقف الفلسفية التي يمكن الإطلاع عليها من هنا 

أما الان فأتركك مع المحور الأخير.


مواقف فلسفية،الدولة بين الحق و العنف.


 هل يمكن البحث عن مشروعية لممارسة الدولة العنف ضد الافرادو الجماعات؟ وهل العنف ضروري للدولة لكي تمارس سلطتها؟ الا يتعارض العنف في هذه الحالة مع الحق و القانون؟

ماكس فيبر

انطلق من مقولة ماركسية مفادها"كل دولة تنبني على القوة" المتمثلة في السلطة القمعية المبنية على العنف و الخداع.
لهذا نجد الدولة تستمد سلطتها من القوة التي تمارسها بهذف بسط هيبتها وسيطرتها لأجل الحفاظ على النظام العام و الاستقرار الاجتماعي حيث تشكل هذه القوة حكرا على الدولة وهذا ما دفع "فيبر" الى ان ينعتها "بالعنف المشروع" فهو عنف تمارسه الدولة باسم القانون هكذا اذن تستمد الدولة سلطتها من القوة و العنف و التسلط الا انه عنف مشروع يمارس باسم القانون.
الدولة في نظر "انجلز"
هي نتيجة لتصارع قوى عديدة داخل المجتمع, هذا الصراع هو الذي يدفع بالدولة نحو التطور, تبعا للمصالح الاقتصادية لكل طبقة, لذلك فالدولة هي كيان يصطف مع الطبقة المسيطرة و المهيمنة وتدافع وتدافع عن ايديولوجيتها, بل انها تتشكل من الطبقة الاقوى في المجتمع وتعبر عن مصالحها الاقتصادية.

خلافا لما سبق يعتبر
 اسبينوزا

ان مهمة الدولة لا تتمثل في تخويف الناس و ترهيبهم, و لا في استعمال الدهاء السياسي و الحيل لاستمالة بعض الفئات و منحهم الحوافز و الامتيازات, وانما في نشر الفضيلة و جعل الناس يمارسون اعمالهم عن اقتناع و طواعية ولا يتاثى ذلك الا بتوفر شروط من قبيل الحق و المساواة و الحرية.

تنفي
جاكلين روس

تقوم الدولة على العنف المادي , بل تقوم على فكرة الحق, فالدولة هي دولة الحق و القانون وتقوم على ثلاثة شروط اساسية:
هي الحق و القانون ومبدأ فصل السلط وما يترتب عن توفر هذه الشروط هو الممارسة المعقلنة لسلطة الدولة.
ممارسة تتشبت بالقانون واحترام الحريات وحفظ الكرامة الانسانية ممارسة ضد كل انواع القوة و العنف و التخويف و التسلط و الاستبداد.
يستخاص من هذا المحور, ان الدولة يمكن ان تقوم على العنف و القوة و الصراع كما بين كل من فيبر وانجلز, الا ان الاكيد هو انها انها لا تستمر, لان كل عنف و صراع الا ويولد صراع مضاد وعنف مقابل, مما يعني ان الدولة ينبغي ان ترسي دعائم الديمقراطية من خلال قيامها على العدل و المساواة وسعيها المتكرر نحو حفظ كرامة مواطنيها بصيانة حرياتهم و حقوقهم آنذاك يمكن ان تستمر الدولة وتحافظ على سلطتها.

مواقف فلسفية، طبيعة السلطة السياسية.

0 التعليقات
تطرقنا في المحور الأول من مفهوم الدولة الى مجموعة من المواقف الفلسفية التي يمكن الإطلاع عليها   من هنا

أما الان فأتركك مع المحور الثاني:

مواقف فلسفية، طبيعة السلطة السياسية.

الدولة عبارة عن تنظيم سياسي لجماعة ما على أرض محددة, عبر سلطتها الممثلة في مجموعة من المؤسسات و الاجهزة المرادفة لها.
في حين تتحدد السلطة في القدرة التي يتوفر عليها فرد او جماعة للتأثير على الآخرين و توجيه تصرفاتهم, اذا تأسست هذه السلطة على مبادئ مقبولة فانها تسمى سلطة مشروعة واذا تأسست على القوة غير المبررة فانها تصبح تسلطا.
على ماذا تقوم سلطة الحاكم السياسية؟ هل على مبادئ مقبولة تستهذف أمن المحكومين , اي حقهم في العيش و الحرية ام 
على العنف و التسلط؟

 ميكيافيلي


ينبغي ان تقوم السلطة السياسية على القوة و المكر و الخداع,فالامير/
الحاكم ينبغي ان يكون اسدا و ثعلبا في نفس الوقت: يجعل "ميكيافيلي" من القوة وسيلة للسيطرة على الناس وعلى الاحداث السياسية الداخليةو الخارجية,و ذلك لان الناس ليسوا فضلاء وخيرين بل هم مخاضعين وجبناء يلزمهم ان يحكموا بالقوة و الخديعة.
فالقوة وسيلة فعالة للمحافظة على السلطة و استمراريتها.


التوسير


يذهب الى ان الدولة تمارس سلطتها عبر جهازين متعاليين عن المجال:
جهاز عنيف, قمعي يوجد في يد الدولة عبر ادارتها ويتضمن الحكومة و الجيش و الشرطة و السجون...وكل مؤسسات الردع المباشرة.وجهاز ايديولوجي يمارس العنف الرمزي لا تشرف عليه الدولة بشكل مباشر لكنه يوجد لخدمتها و الدفاع عن مصالحها و يضم العائلة , المدرسة , النقابة ,الكنيسة, الحزب....وغيرها.


 ميشيل فوكو


يرى ان السلطة السياسية غير محصورة في اجهزة الدولة التي تحتكر العمل السياسي.

فالسلطة غير متعالية عن المجال الذي تمارس فيه بل هي محايثة له .
انها الاسم الذي يطلق على وضعية استراتيجية معقدة في مجتمع معين تجعل مفعول السلطة يمتد كعلاقات قوة في منحى من مناحي الجسم الاجتماعي.

مواقف فلسفية،مشروعية الدولة وغاياتها.

0 التعليقات
يمكنك الرجوع عزيزي الى جميع المواقف الفلسفية المتعلقة بدروس السنة الثانية باكالوريا  من هنا

مواقف فلسفية،مشروعية الدولة وغاياتها.



ما الغاية من وجود الدولة؟ ومن اين تستمد الدولة مشروعيتها للقيام بوظائفها المختلفة؟ هل تستند الدولة على مشروعية دينية ام تعاقدية ام عقلية؟

باروخ اسبينوزا

لقد قطع فلاسفة التعاقد الاجتماعي مع التصور الديني للدولة ولذلك فمشروعية الدولة عندهم تستمد من الالتزام بمبادى التعاقد المبرم بين الافراد ككائنات عاقلة و حرة.
هذا التعاقد الحر بين الافراد سيؤسس الدولة على قوانين العقل , التي من شئنها أن تتجاوز مساوئ حالة الطبيعة القائمة على قوانين الشهوة , و التي أدت الى الصراع و الفوضى و الكراهية و الخداع و لذلك فغاية الدولة هي تحقيق المصلحة العامة المتمثلة حسب اسبينوزا في تحرير الافراد من الخوف, واتاحة الفرصة لعقولهم لكي تفكر بحرية وتؤدي وظائفها بالشكل المطلوب دون استخدام لدوافع الشهوة من حقد وغضب وخداع, ويختصر (اسبينوزا) الغاية من وجود الدولة بقوله:"الحرية هي الغاية الحقيقية من قيام الدولة".

موقف اصحاب الدولة الدينية

تقوم مشروعية الدولة الدينية على نظرية الحق الالاهي, وتعني اعتبار ان الحاكم الاه ويحكم باسم السماء و غايته القصوى هو حفظ شريعة المؤمنين وانتقلت في القرون الوسطى الى نظرية التفويض الالاهي ومعناه ان الله يفوض احد عباده الاخيار (انبياء,حكماء, زعماء...)ممارسة الحكم وتسيير شؤون الناس باعتباره خليفة الله في ارضه فيحكم باسم الله.

فريدريك هيجل

انتقد التصور التعاقدي الذي يعتبر ان الدولة غاية خارجية مثل السلم او الحرية او الملكية , ورأى ان غاية الدولة لاتكمن في اي غاية خارجية , وانما تتمثل في غاية باطنية فالدولة غاية في ذاتها من حيث انها تمثل روح وارادة ووعي امة من الامم ويعتبر تجسيدا للعقل الاخلاقي الموضوعي 
ان الدولة هي التحقق الفعلي للروح الاخلاقي باعتباره ارادة جوهرية و كونية ومن واجب الافراد ان يكونوا أعضاء في الدولة وان يتعلقوا بها لان في ذلك سموهم وعلو مرتبتهم , فلا يكون للفرد وجود حقيقي و اخلاقي الا بانتسابه الى الدولة.
هكذا يعطي "هيجل" الاولوية في تحليله الى الكل على الاجزاء و الى الدولة على الافراد ويجعل مصيرهم في ان يحيوا حياة عامة وكونية.
فمشروعية الدولة اذن لاتستمد عند "هيجل" من التحالفات القائمة بين الافراد بل تستمد من مبادئ عقلية وموضوعية تتأسس عليها الدولة بشكل حتمي يتجاوز الارادات الفردية ذاتها.

ماكس فيبر

هناك 3 مشروعيات تستند عليهم الدولة.

وقد بين فيما بعد "ماكس فيبر" بأن هناك انواعا متعددة من المشروعية عبر التاريخ, مشروعية الحكم اعتمادا على التراث وحماية الماضي و استلهام الاجداد, و المشروعية المرتبطة بشخص ملهم يمثل سلطة دينية واخلاقية, او ايديولوجية ويحكم باسمها, و المشروعية المؤسسية المستمدة من التمثيلية الانتخابية و مرجعية القانون و المؤسسات و توزيع السلط.
ويشير "فيبر" الى انه نادرا ما نجد هذه النماذج من المشروعية مجسدة بشكل خالص على ارض الواقع بل غالبا ما نجد تداخلات فيما بينهما على مستوى ممارسة الدولة لسلطتها على الافراد.

أهم المذاهب والمدارس في الفلسفة اليونانية 4

0 التعليقات
    أهم المذاهب والمدارس في الفلسفة اليونانية

المرحلة ما بعد السقراطية(الذبول)

- الإهتمام بالأخلاق

في هذه المرحلة، التي يسميها المِرخون بالهلنستية، انتصر الإسكندر على الفرس وتمكن من ربط الشرق، بما فيه مصر و سورية حتى الهند بالحضارة الإغريقية، فولد مجتمع دولي جديد لعبت فيه اللغة والثقافة الإغريقيتان دورا مهيمنا، غير أنه بعد وفاة الإسكندر انتقلت الهيمنة السياسية والعسكرية إلى يد روما، وهو ما جعل الثقافة اللاتينية تتوغل عميقا داخا آسيا وتمتد غربا حتى إسبانيا، فأصبحت الثقافة اليونانية ملكا مشتركا بين جميع بلدان البحر الأبيض، فقد امتدت إلى مصر وسورية في الشرق، و روما واسبانيا في الغرب. وهكذ امتزجت الثقافة الإغريقية بالثقافة الشرقية، حيث أخذت الأولى من روحانية الشرق وعلمه، وأخذت الثانية من فلسفة الإغريق وعلومهم، وهو ما أحدث تغيرات عميقة في المجال الفكري حيث ساد الطابع التأملي للفلسفة اليونانية القديمة.
في هذه المرحلة اتجهت الفلسفة أكثر فأكثر نحو السلام و صفاء الحياة، فلم تعد قيمة الفكر الفلسفي بذاته بل بقدرته على جعل الإنسان يتحرر من قلق الموت والتشاؤم، بهذا أصبحت الأخلاق المشروع الفلسفي الأكثر أهمية في المجتمع الجديد. وفي هذا العصر برزت ثلاث مدارس رئيسية هي الأبيقورية والرواقية والشكية، وسنتناول الأبيقورية نموذجا.

المدرسة الأبيقورية:

أسسها أبيقور (341-270)، اعتبر الأخلاق محور الفلسفة وغايتها، فقد عرف الفلسفة بأنها "الحكمة العملية في توفير السعادة بالأدلة والأفكار"، فالأخلاق تهدف إلى السعادة، والسعادة تقوم في الشعور باللذة، واللذة خير و كل ما يِؤدي إليها خير أيضا، و الألم شر وكذلك ما يؤدي إليه، ولتحصيل السعادة لا بد أولا من إزالة جميع العوائق التي تعترض طريقها كالخوف من تدخل الآلهة في حياة البشر والجزع من الموت وتهيب الحياة الأخروية، فهذه المخاوف كلها باطلة، لهذا نجده يوجه فلسفته الأخلاقية ضد الأوهام والخرافات الدينية التي يرى فيها امتهانا للكرامات الإنسانية،والتحرر من هذه المخاوف التي تسترق الروح يفتح الطريق إلى السعادة. وكان هذا هو هدفه من العلم الطبيعي لهذا نجده يسخر العلوم الأخرى لخدمة الأخلاق، فالعلم الطبيعي مثلا هو مجموعة من التفسيرات القابلة للتغيير، غرضها تخليص البشر من الخوف من الظواهر الجوية والموت، كأن تكون علة الكسوف مثلا هي توسط القمر، أو توسط جسم غير منظور وقد تكون انطفاء الشمس وقتيا، و أي واحد من هذه التفسيرات يكفي لتبديد الخوف من الكسوف،وهذا هو بيت القصيد، فيتبين لنا من ذلك كيف أن العلم الطبيعي ليس مطلوبا لذاته بل لعلم الأخلاق، ومن واجبه طرد القلق والخوف من العقل ودليله على ذلك هو إن كان الموت موجودا فإننا آنذاك لا نوجد، وإن كنا موجودين لا يكون الموت موجودا. فإذا كان الموت هو انعدام الإحساس فإنه لا يؤلم، فالذي يؤلم هو توقع الموت، لذلك لا ينبغي الهروب من الحياة باسم الخوف من الموت.
كل آراء أبيقور تصب في منحى الاهتمام بالإنسان فحتى نظرته للعالم تهدف لخدمة السعادة الإنسانية. فقد رأى العالم مكونا من ذرات، وأيضا من خلاء تتحرك فيه هذه الذرات بدون علة تحكم هذه الحركة، وجعل من الثقل علة الحركة، وعلة الثقل تجعل حركة الذرات مستقيمة تتجه من أعلى إلى أسفل، غير أنها حين تسقط تنحرف كي تصطدم فتلتقي فيما بينها لتتشكل منها المركبات المادية. و يعتبر هذا الإنحراف نوعا من الإرادة في حركة الذرات، وليست إرادة الإنسان إلا هذا الإنحراف عن العلة. إذن الإرادة والحرية الإنسانية هي انحراف حاصل في هذه الذرات باعتبار أن جسم الإنسان مركب من ذرات ونفسه أيضا عبارة عن جسم يتألف من هذه الذرات التي تتناثر بعد الموت. ليكون الإنسان بذلك كائنا ضمن الطبيعة ويتميز في الوقت نفسه بالحرية و الإرادة، وهي حرية لا تخرج من الضرورة.
و محور الأخلاق الأبيقورية هو اللذة، ويرى أبيقور أن الحكيم هو من يفرق بين ثلاث أنواع من اللذات: - لذات طبيعية وضرورية للحياة(الطعام والشراب)، لذات طبيعية ولكن غير ضرورية للحياة(الأغذية المترفة)،  لذات غير طبيعية وغير ضرورية(المال والكرامات الإجتماعية)، و هو يصغي إلى الطائفة الأولى لأنها أبسط النزعات و ألزمها، تقوم بذاتها وتقوم النزعات الأخرى عليها كما أن إرضاءها سهل ميسور، وهكذا يعيش حياة راضية مطمئنة لا تشوبها حسرة أو هم وهي سعادة الفيلسوف الحقيقية.
بهذا فطلب اللذة عنده هو طلب المنفعة، يربط اللذة بالألم، على اعتبار أنه ينبغي على الإنسان أن يتحمل الألم إذا كانت نتيجته لذة أكبر، وعليه أن يتجنب الألم الذي لا يؤدي إلى مثل هذه اللذة، وعليه تجنب اللذة التي تؤدي إلى الألم لذلك لا ينبغي الإسراف في طلبها.

الرواقية:

قامت الفلسفة الرواقية على حب الحكمة و مزاولتها، و الحكمة في نظرها هي العلم الذي يهتم بالأشياء الإلهية و الإنسانية أي جميع الكائنات و الموجودات.
و يمتاز المذهب الرواقي بثلاث مسائل هي: أولا أن الفلسفة الحقيقية هي الفلسفة العملية، و ثانيا أن الفلسفة العملية هي التي تقوم على العمل المطابق للعقل، و ثالثا أن العمل المطابق للعقل هو الذي يجري بمقتضى قوانين الطبيعة. فالفلسفة في نظر الرواقيين هي أن يفعل الإنسان وفقا لقوانين الطبيعة. والحكيم أو الإنسان الكامل هو الذي يعلم أن كل شيء في الطبيعة إنما يقع وفق العقل الكلي أو الإله أو القدر الإلهي، و يقبل بمفاعيل هذا القدر طوعا، ليكون القدر كما يراه الرواقيون هو العقل الكلي الذي بموجبه وقعت الأحداث الماضية و تقع الأحداث الحاضرة و ستقع الأحداث المستقبلية، و هو العلة الوحيدة التي هي في الوقت نفسه الرابطة بين العلل و قانون سرمدي كامل و من هنا كان يستحيل على الموجودات العاقلة أن تؤثر في سيره أو تغيره أو تمسه بأي شكل من الأشكال.
و اعتقد الرواقيون أيضا أن كل البشر يشكلون جزءا من العقل الكوني وأن كل فرد هو عالم مصغر يشكل انعكاسا للعالم الأكبر الذي هو الكون مما يسمح بإقامة قانون يصلح لكل الناس هو القانون الطبيعي المبني على المبني على العقل الكوني للإنسان و للكون الذي لا يتغير بحسب الزمان والمكان. ويرى جورج طرابيشي أن هذا العقل الكوني هو الله عند الرواقيين هو محدث الأشياء وخالق العالم.
وفهم الرواقيون صلة هذا الإله بالإنسان وصلته بالعالم فهما جديدا، فهو لا يعود ذلك المتوحد الغريب عن العالم الذي يجذبه غليه بسحر جماله، و إنما هو صانع العالم بالذات، و في عقله صمم خطته، لهذا لا تتجلى فضيلة الحكيم إلا بقبول الإنسان ذلك الصنيع الإلهي و المشاركة في هذا الصنيع بما يِؤتى للإنسان فهمه.

الشكاك:

يمكن تعريف الشكية بأنها فن التصدي بكل الطرق الممكنة للظواهر و المفاهيم المحتمل الوصول بشأنها إلى أقوال متعادلة، وتدعوا إلى تعليق الحكم وتحقيق الطمأنينة . لهذا نجد بيرون في فلسفته الشكية ينطلق من الربط بين تعليق الحكم والطمأنينة. تفسير هذا هو أن الإلحاح على معرفة الأشياء و تقييمها هو السبب في اضطراب وقلق النفس، وكلما علقنا الحكم و قمنا بنوع من اللامبالاة أدى بنا ذلك إلى الإطمئنان.
و تذهب المدرسة الشكية إلى أن التفكير في الطبيعة أو الإعتقاد الدغمائي إما في خيراتها أو مساوئها يجعل الإنسان مظطربا وقلقا، لأن الآراء تتضارب حول طبيعة الأشياء بشكل تتساوى فيه الأقوال سلبا و إيجابا و هذا سبب تعليقها للحكم. و يقر الشكاكون أنهم يحسون بالظواهر لكنهم يمتنعون عن الحكم عليها لأن الحقيقة لا يمكن معرفتها ويمكن لكل الأضداد أن تنطبق على حقيقة الشيء الواحد، فالأشياء ليست جميلة في ذاتها ولا قبيحة في ذاتها ولا عادلة في ذاتها و لا ظالمة في ذاتها وهذا ما جعلهم ينتهون إلى تعليق الحكم وهو ما يسمى بالإبوخي،
على غرار القورينائية والأبيقورية يسعى الشكاك وراء اللذة لهذا فهم لا ينفعلون بشيء و لا يشغلون أنفسهم بأي موضوع كان، فنجدهم يقولون "نحن لا نبحث عن شيء ولا نهرب من شيء لأن ما بنا بنا و ما يحدث يحدث بالضرورة فلا نستطيع تجنبه و جعلوا جميعا من الشك الخير الأقصى لأن الطمأنينة تتبعه كما تتبع ظلها".

 امتزاج الفلسفة بالدين

تميزت هذه المرحلة بظهور الأديان السماوية، فتميز الفكر في هذه المرحلة بامتزاج فلسفة اليونان بالأديان السماوية المنتشرة في الشرق الأوسط عندئذ (اليهودية والمسيحية) ، وقد حاولت العديد من التيارات الفكرية الجديدة والمدارس الفلسفية الكبرى أن تشق طريقها إلى النور و أن تصب في المجرى العريض للحضارة الجديدة، فكان  هذا العصر هو عصر التداخل والتنافذ بين حضارة الإغريق و حضارة الشرق والأديان الجديدة، حيث احتل يهود الإسكندرية مكانة مرموقة في بادئ الأمر، ثم كان دور المسيحية، وأصبحنا أمام مزيج من مختلف النظريات انبثق عنه عدة اتجاهات تلفيقية أبرزها الأفلاطونية المحدثة.

الأفلاطونية المحدثة  (أفلوطين نموذج):

ظهرت الأفلاطونية المحدثة في الإسكندرية، ملتقى طرق الشرق والغرب، فيها وجدت مؤثرات دينية فارسية وبابلية، وطائفة يهودية و فرق مسيحية بالإضافة إلى خلفية عامة من الحضارة الهلنستية يقال أن مؤسسها هو أمونيوس ساكاس و لا يعرف عنه إلا القليل لكن أهم تلاميذه هو أفلوطين(204-270 ب م) ويعد من أعظم الأفلاطونيين الجدد.
تمتاز فلسفة أفلوطين بعمق الشعور الصوفي و المثالية الأفلاطونية و وحدة الوجود الرواقية ، فيرى أن المعرفة تبدأ من الذات وتنتهي إلى الله  دون المرور بالعالم المحسوس. و الإحساس لا قيمة له والمعرفة العقلية هي الأخرى لا قيمة لها ، إنما كل القيمة للتجربة الصوفية التي ترفع التعارض بين الذات والموضوع .
تعد نظرية الفيض من أهم نظرياته، وترتبط ارتباطا وثيقا بمبدإ الوجود وعلته وهو الواحد أو الأول الذي يتسم بالبساطة والكمال، وهذا الكمال هو الأصل في الفيض، غير أن هذا الفيض لا يُنقص شيئا من ذلك الأول بل يظل ثابتا. فالفيض يحدث كما يصدر النور عن الشمس دون أن يتغير جوهر الشمس، فالوجود بالقياس إلى الأول أو الواحد بمثابة شعاع الشمس من الشمس. والكائن الكامل لا يمكن أن يحبس خيره في ذاته. وأول شيء انبثق عن الأول هو العقل ويقال له الأقنوم الثاني وهو أقل من الأول كمالا لأن الإثنينية تدخل فيه لأنه مادام عقلا فذلك يستلزم معقولا أي موضوعا له وهو يعقل الأول و يتأمله، وهذا الثاني هو عقل و وجود في نفس الآن ، و يضع أفلوطين العقل في مثابة الصانع لأنه حين يفكر ينتج معقولات، وهو يجتهد قدر الإمكان ليبقى بالقرب من مصدره، فيظل في التفات دائم ليتأمله، وهكذا يفيض عن العقل الثاني أقنوم ثالث هو النفس التي تكون صورة للأقنوم الثاني، وهي آخر الموجودات في العالم المعقول أقلها كمالا لأن الكثرة فيها زادت ولأنها البعد عن الأول. ومن هده النفس الكلية فاضت فيوضات كثيرة هي نفوس الكواكب و نفوس البشر و سائر الموجودات في العالم المحسوس .

خـــــــــاتــــمة:
كانت هذه بعض أهم اتجاهات الفلسفة اليونانية التي لاقت إقبالا كبيرا في مختلف مناحي العالم و امتزجت بمختلف العقائد والديانات، ولن يقف الأمر عند حدود المسيحية بل ستتعداها إلى الديانة الإسلامية التي ستضيف عليها هي الأخرى لمستها الخاصة لترتدي الفلسفة ثوبا جديدا في العصور الوسطى، و رغم أن الثوب يتغير بتغير المكان والزمان إلا أن الروح تبقى يونانية خالصة.

أهم المذاهب والمدارس في الفلسفة اليونانية 3

0 التعليقات
    أهم المذاهب والمدارس في الفلسفة اليونانية 3


 المرحلة الكلاسيكية (النضوج)

- أفلاطون:
ولد في آثينا من أسرة عريقة النسب، تثقف كأحسن ما يتثقف أبناء طبقته، وأعجب بفضل سقراط  فلزمه، وبعد إعدام الأخير يئس من السياسة وأيقن أن الحكومة العادلة لا ترتجل ارتجالا إنما يجب التمهيد لها بالتربية والتعليم. فقضى حياته يفكر في السياسة، ويمهد لها بالفلسفة، و لم تكن له قط مشاركة عملية فيها.
لأفلاطون نظرية في المعرفة تحدث عنها انطلاقا من الجدل الصاعد، و حد الجدل بأنه المنهج الذي به يرتفع العقل من المحسوس إلى المعقول دون أن يستخدم شيئا حسيا، بل بالإنتقال من معان إلى معان وهو العلم الكلي بالمبادئ الأولى والأمور الدائمة يصل إليه العقل بعد العلوم الجزئية، ثم ينزل منه إلى هذه العلوم يربطها بمبادئها، وإلى المحسوسات يفسرها. ليكون أفلاطون أول من بحث المعرفة لذاتها، وميز فيها بين معرفة علمية ومعرفة ظنية، الأولى تقوم على التعقل فتكون صادقة بالضرورة، والثانية قائمة على الظن والتخمين لذلك تحتمل الصدق كما تحتمل الكذب.
من بين المواضيع التي عالجها أفلاطون كذلك مسألة النفس الإنسانية، فرأى أن الإنسان مؤلف من جوهرين، أحدهما منسوب إلى عالم المثل، وهو النفس والآخر منسوب إلى عالم الحس و هو البدن. والنفس موجودة قبل البدن لذلك فهي أزلية، وخالدة بعد الموت أي أبدية.
قسم أفلاطون النفس إلى ثلاث قوى هي: النفس الشهوانية والنفس الغضبية و النفس العاقلة. و قد شبه هذا التقسيم بعربة وحصانين، ليكون العقل هو العربة والشجاعة (تمثل النفس الغاضبة) توازي حصانا سهل الانقياد أما الشهوة فتماثل حصانا جموحا. و النفس العاقلة مهمتها دفع الإنسان لأن يصبح حكيما بهذا تكون فضيلتها الحكمة، و وظيفة الشجاعة، التي تمثل النفس الغاضبة، جعل النفس تطيع العقل، لتكون وظيفتها هي القدرة على الاحتمال، تبقى الشهوة التي تمثل النفس الشهوانية وما عليها إلا أن تنحني لتوجيه العقل أما فضيلتها فهي الاعتدال. و حين يقوم كل جزء من أجزاء النفس هذه بوظيفته بالمعيار الصحيح تسود فضيلة أخرى هي فضيلة العدالة.
نفس هذا التقسيم أسقطه أفلاطون على المجتمع، فما النفس كما يراها سوى تصغير للمجتمع الذي ينقسم هو الآخر إلى ثلاث طبقات، طبقة العمال الذين تسيرهم شهواتهم، وطبقة الجنود الذين يتصفون بالشجاعة، وطبقة الحكام الذين يتصفون بالحكمة. ومصلحة المجتمع أن يتولى كل فرد العمل اللائق به، ونسود العدالة الإجتماعية حين يسيطر الحكام على الجنود ويسيطر الجنود على العمال.
-أرسطو:
ثالث المفكرين العظام أسس مدرسة خاصة به هي اللوقيوم، كما أسس أرسطو فلسفته على نقد نظرية المثل الأفلاطونية، طور فلسفته في اتجاه واقعي، مع وضع إطار نظري لكل من المنطق والأخلاق و السياسة و الميتافيزيقا. وهو أول من قسم العلم إلى ميادين مختلفة و اعتبرها ثلاثة أصناف:
العلوم النظرية:
تقول على مشاهدة الكائن كما هو في ذاته بدون تدخل الإنسان، وهي تطلب لذاتها، و ليس لها تأثير على مجرى العالم و الأشياء، وهي الطبيعيات، الرياضيات والإلهيات.
العلوم العملية:
هي الصنف الثاني حسب تقسيم أرسطو، لا تطلب لذاتها بل من أجل خير الإنسان و سعادته. بالتالي لها تأثير على مجرى العالم، وتنقسم هذه العلوم إلى قسمين الأخلاق و السياسة.
العلوم الإنتاجية:
تبين كيف يمكن صنع بعض الأشياء على أكمل وجه، ويدخل فيها أرسطو الصنعة اليدوية والطب و الخطابة.
ويعتبر المنطق الأداة الضرورية لكل بحث نظري.
رأى أرسطو أن أفلاطون يظل أسير العالم الأسطوري حيث يعرض الإنسان تصوراته و يحلها محل العالم الواقعي. وإذا كان أفلاطون يرى أن كل ما نراه حولنا ليس إلا انعكاسا لشيء ما في عالم الأفكار، بالتالي في النفس الإنسانية، فإن أرسطو يرى العكس، فما هو موجود في النفس البشرية ليس إلا انعكاسا لأشياء الطبيعة، فالطبيعة وحدها هي ما يشكل العالم الحقيقي
و في حديث أرسطو عن الطبيعة نجده يقسمها قسمين، جمادات لا تملك إمكانية التحول بذاتها إنما تتحول بفعل عوامل خارجية، وهناك من جهة أخرى الأحياء وهي تحمل بذاتها إمكانية التحول، وهذه الأحياء يصنفها هي الأخرى حسب ما تستطيع أن تفعله أو مما تفعله، هناك كائنات حية تكبر وتنمو من تلقاء ذاتها، ندرج هنا النبات والإنسان والحيوان، ثم كائنات لها القدرة على إدراك العالم الخارجي وهنا نخص الحيوان والإنسان، أما الصنف الأخير فيخص الإنسان وحده لأنه الوحيد الذي يملك بالإضافة إلى التحرك في الطبيعة و بالإضافة إلى القدرة على إدراك العالم المحيط  به، القدرة على التفكير. و يضع أرسطو في أعلى السلم الإنسان لأن حياته تختصر حياة الطبيعة كلها، فهو يتغذى كالنباتات ويملك القدرة على إدراك العالم، ويمتلك قدرة استثنائية هي القدرة على التفكير العقلاني. من هنا نجد أرسطو يقسم النفس إلى نفس نامية (تشمل النبات والحيوان والإنسان)، ونفس حاسة (تشمل الحيوان والإنسان) ثم نفس عاقلة وتخص الإنسان وحده.
سفيان ايشو
تابع القراءة

كافة الحقوق محفوظة 2012 © www.th3philo.comمدونة عالم الفلسفة

سياسة الخصوصية - Privacy Policy