أهم المدارس و المذاهب في الفلسفة اليونانية

أهم المدارس و المذاهب في الفلسفة اليونانية

 تقديم عام :

نشأت الفلسفة باعتبارها تفكيرا نظريا منظما في الكون والإنسان عند اليونان، فهم الذين أطلقوا على هذا النوع من التفكير اسم فلسفة، وقد رأى هذا المصطلح النور نحو عام 600 ق م ( القرن السادس قبل الميلاد) وقد كان تفكيرا جديدا بشكل جدري.لكن قبل ذلك كانت هناك عدة ديانات أخذت على عاتقها مهمة الإجابة عن كل الأسئلة التي طرحها الإنسان، وكانت هذه التفسيرات ذات طابع ميثولوجي؛ أي تنتقل من جيل إلى جيل بصورة أساطير.
و الأسطورة هي قصة موضوعها الآلهة، حاولت تفسير الظواهر الطبيعية و الإنسانيةّ طوال آلاف السنين بصورة حسية عرضية، فرغم أنها نتاج الخيال، وما هو جوهري فيها هو صنيع العقل الذي يتخيل، لكنه لا يعتمد جهازا آخر سوى التمثل الحسي. ومثال ذلك أن الآلهة في الميثولوجيا الإغريقية ممثلون في صورة بشرية.
ولما كان الناس دائموا الإحساس بالحاجة إلى تفسير الظواهر الطبيعية، ولما لم يكن باستطاعتهم الإستغناء عن ذلك، ولم يكن العلم موجودا، فقد اخترعوا الأساطير وتداولوها إلى أن جاء الفلاسفة الإغريق، الذين حاولوا البرهنة أنه على البشر ألا يثقوا بها. وأول نظرة ناقدة للأسطورة نجدها عند الفيلسوف "اكزينوفان" الذي عاش في نحو 570 ق م، فقال: "الناس هم الذين استحدثوا الآلهة وأضافوا إليهم عواطفهم و صوتهم و هيئتهم، فالأحباش يقولون عن آلهتهم أنهم سود فطس الأنوف، ويقول أهل تراقيا أن آلهتهم زرق العيون حمر الشعور، ولو استطاعت الثيرة والخيل لصورت الآلهة على مثالها".
وبهذا تكون الفلسفة اليونانية قد بدأت في القرن السادس قبل الميلاد، بدأت عندما حاول الناس لأول مرة أن يدلوا برد علمي عن سؤال : " ما هو تفسير العالم؟". فبحثوا في شؤون الكون و الإنسان بحثا منظما، ليخطو العقل خطوة حاسمة نقلته إلى العلم والفلسفة، حيث أصبح يطلب حقيقة الأشياء، ليكون اليونانيون بذلك هم أول من بحث في شؤون الكون و الإنسان.

نشأة الفلسفة:

و هذا التحول الفكري لم يأتي هكذا، بل ساهمت مجموعة من التطورات التاريخية في نقل الإنسان من مرحلة التفكير الأسطوري إلى مرحلة التفكير الفلسفي. فقد باشرت الفلسفة منذ ولادتها في البحث عن أجوبة أخرى على نفس الأسئلة التي طرحتها الأسطورة، لكنها تجاوزتها حين شرعت في بناء رِؤية جديدة أكثر عقلانية للإنسان تجاه مسألة الأصول (أصل العالم، أصل الكون، أصل الإنسان).أما العوامل التاريخية فمنها ما هو اقتصادي و اجتماعي وسياسي وحضاري، هي عوامل لم يتطور التفكير الفلسفي في اليونان إلا من خلال تفاعله مع نتائجها، وسنقتصر على ذكر بعض العوامل الخارجية والداخلية.
فيما يتعلق بالعوامل الخارجية نذكر التجارة البحرية التي أدت إلى توطيد علاقة اليونان بحضارات أخرى ساهمت بشكل جوهري في تحويل اليونانيين من الإيمان بالأساطير إلى الأخذ بقيم جديدة، و بفضل احتكاكها وتفاعلها مع الحضارات عرفت علاقاتها الداخلية بعض التسامح الفكري والتقدم العلمي بعد أن أغرقت في أثون الحرب المتواصلة بين آثينا و اسبارطة. أما أهم العوامل الداخلية فتتمثل في مبدإ تقسيم العمل بين عمل فكري وعمل يدوي ، بحيث تكون الفلسفة نتاج التخصص الفكري، ذلك أن اليوناني الحر وحده من له حق المواطنة والمشاركة في الأنشطة الفكرية و الفنية والحضارية لتكون الأعمال اليدوية الشاقة هي الحق الوحيد للعبيد مقابل الحفاظ على حياته.
وهدفنا من هذا المقال هو تسليط الضوء على أهم المدارس والمذاهب الفلسفية التي اختلفت باختلاف الزمان والمكان،عموما مرت الفلسفة اليونانية بثلاثة مراحل هي على التوالي: مرحلة النشوء، مرحلة النضوج، ومرحلة الذبول. وكل مرحلة من هذه المراحل تنقسم إلى قسمين، وهذا هو التقسيم الذي سنعتمد عليه في رصد أبرز المذاهب والمدارس اليونانية:

سنأتي على ذكر المدارس و المذاهب في الفلسفة اليونانية في المقال التالي




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كافة الحقوق محفوظة 2012 © www.th3philo.comمدونة عالم الفلسفة

سياسة الخصوصية - Privacy Policy