إن الفكرة الوحيدة التي تجلبها الفلسفة معها و هي تتأمل التاريخ لهي الفكرة البسيطة عن العقل و التي تقول إن العقل يسيطر على العالم ’ وإن تاريخ العالم ’ ومن ثم يتمثل أمامنا بوصفه مسارا عقليا . هذاالحدس و الإقناع هو مجرد فرض في مجال التاريخ بما هو تاريخ , لكنه ليس فرضا في مجال الفلسفة . ففي الفلسفة تتم البرهنة بواسطة المعرفة النظرية على أن العقل .... جوهر مثلما هو قوة لا متناهية. ويكمن مضمونه اللامتناهي خلف كل حياة طبيعية و روحية ينشؤها كما تكمن صورته اللامتناهية التي تحرك هذا المضمون .فالعقل من ناحية جوهر الكون , أعني ما يكون به و فيه وجود كل واقع حقيقي و بقاؤه . وهو من الناحية أخرى الطاقة اللامتناهية للكون , ما دام العقل ليس من الضعف بحيث يعجز عن إنتاج أي أي شيء سوى مجرد مثل أعلى أو مجرد نية أو قصد, وبحيث يتخد مكانه خارج الواقع, في موضع لا يعلمه أحد, ويكون شيئا منفصلا مجردا, يوجد في رؤوس بعض البشر , ولكنه المركب اللامتناهي للأشياء, وهو ماهيتها و حقيقتها الكاملة . إنه مادته الخاصة التي يتعامل معها في نشاطه الإيجابي الخاص , مادام لا يحتاج , كالأفعال المتناهية, إلى شروط مادة خارجية ذات وسائل معينة يستمد منها دعامة له و موضوعات لنشاطه .فهو يزود نفسه بغذائه الخاص, وهو نفسه موضوع عملياته . وعلى حين أنه هو وحده أساس و جوده و غايته النهائية المطلقة , فإنه أيضا القوة المنشطة التي تحقق هذه الغاية و تطورها , ليس فقط في ظواهر العالم الطبيعي , بل أيضا في العالم الروحي . أعني في التاريخ كله أما أن هذه الفكرة أو العقل , هو الحق,الخالد وهو الماهية ذا القوة المطلقة , وأنه يكشف عن نفسه في العالم , وأنه في هذا العالم لا ينكشف شيء سواه , أعني سوى هذا العقل و مجده و عظمته , فتلك هي الدعوى التي برهنت عليها الفلسفة كما قلنا . و التي نعدها ها هنا دعوى تم إثباتها .
هيجل : محاضرات في تاريخ الفلسفة ,العقل في التاريخ
هيجل : محاضرات في تاريخ الفلسفة ,العقل في التاريخ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق