العقلانية العلمية





العقلانية العلمية


هل يمكن الحديث عن عقلانية علمية؟


ان علاقة العقل بالواقع هي علاقة معقدة, فلا توجد معرفة محضة مستقلة عن التفكير. كما أنه لاوجودلعقل معزول عن واقعه, لانه سيصبح بذلك عقلا مغلقا. فالعقل في العلم الحديث كما يرى "بلانشي" لا تكمن مهمته في تنظيم التجربة وترييضها, بل ينظم ذاته.اذن هناك علاقة جدلية بين العقل والتجربة, فكلاهما يطور الآخر و يتطور به.



لقد استندت العقلانية الكلاسيكية على مبادئ أساسية تسمى بقوانين الفكر كمبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض و مبدأ الثالث المرفوع و مبدأ السبب 

الكافي. و اعتبرتها قوانين ثابتة ومطلقة للعقل. لأنه مع العلوم الرياضية استطاع العقل أن ينتج معرفة علمية يقينية وثابتة.لكن مع تقدم العلوم الحقة ,عرفت الرياضيات ما يسمى بأزمة الأسس حيث ثم اعادة النظر في المبادئ و الثوابت العلمية, فانتقلت الفيزياء من المطلق الى النسبي, وتحولت الهندسة و اللرياضيات من اعتمادها على المسلمات و البديهيات الى اعتمادها على الفرضيات و الاحتمالات. فلم يعد العقل العلمي يؤمن بالاطلاقية وبالثبات بل أصبح علما نسبيا قابلا للتغيير و التحول. وفي هذا الاطار يقول 

ادغار موران

"لقد فجر المسار الجديد للعلم, منذ قرن, اطار العقلنة الضيقة". 

ويضيف: "يبدو لنا اليوم أنه من الضروري عقليا نبذ كل تأليه للعقل, أي نبذ كل عقل مطلق و مغلق مكثف بذاته, اذ يجب علينا أن نأخد بعين الاعتبار امكانية تطور العقل."
لقد عمل

بشلار

على بناء تصور ابستمولوجي, حيث ثم استخلاص الدروس من تاريخ العلم و المراحل التي قطعها, فانتهى الى أن العقل العلمي كان دائما يؤمن بالحقيقة ويعتبرها نهائية ومطلقة. ولكن مع أزمة اليقين تم بناء عقل علمي جديد منفتح ونسبي, لذا دعا بشلار الى فلسفة موازية تؤمن بعقلانية مطبقة على يقين مزدوج وجدلية ماهو عقلي وواقعي.
أما 

انشتاين

فقد اعتبر ان العقل قادر على معرفة علمية حقة وأن
التجربة غير ضرورية
للحكم على علميته.فالتجربة اذن, لن تصبح هي المنتهى ولا المنبع بل تحولت الى مجموعة اختبارات موازية للتحقق من النظرية و ليس للحكم عليها. لذا دعا انشتاين الى التحرر من قيود التجربة اذ يقول:" ان كانت التجربة في بداية معرفتنا للواقع وفي نهايتها فأي دور يتبقى للعقل في العلم؟" كما اعتبر ان المفاهيم التي يتكون منها النسق النظري للفيزياء هو ابداعات حرة للعقل الرياضي. لذا يمكن للفيزيائي ان يستعين بالمنهج الرياضي لتحقيق الموضوعية و العلمية مادام العقل الرياضي قادر على انتاج معرفة علمية حول معظم الظواهر . فهو يقول: ان المبدأ الخلاق في العلم لا يوجد في التجربة بل في العقل الرياضي." 
اذن من هذا المنطلق يستمد سؤالنا مشروعيته وهو ما معيار صلاحية النظرية العلمية مادام العقل هو منتج المعرفة وهو الذي يحكم على صلاحيتها أم لا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كافة الحقوق محفوظة 2012 © www.th3philo.comمدونة عالم الفلسفة

سياسة الخصوصية - Privacy Policy