أهم المدارس و المذاهب في الفلسفة العربية الإسلامية

بعدما تحدثنا في المقال الأخير عن  "مذاهب الفلسفة الأسلامية" يمكنك مشاهدته من هنا
سنأتي الأن على الحديث في النقطة الثانية وهي:

  أهم المدارس و المذاهب  في الفلسفة العربية الإسلامية

ب.     أهم المدارس و المذاهب  في الفلسفة العربية الإسلامية:
إن ظاهرة الكتاب المقدس تفرض نوعا خاصة من الثقافة و بالتالي نوعا خاص من التفلسف في هذا المجتمع، وهنا يقوم كوربان بالمقارنة بين الحضارتين؛ الإسلامية و المسيحية باعتبارهما عرفتا الوحي و الكتاب المقدس مع الفروق الكبيرة بينهما طبعا. في البحث عن المعنى الحقيقي و راء المعنى الظاهر للنص الديني.
 في النص هناك معنيين الروحي و الغير الروحي، يتميز الإسلام عن المسيحية بغياب الايكليروس "فليس في الإسلام جمود عقائدي و لا سلطة جبرية و لا مؤتمر يحدد العقائد، على عكس ما حدث للمسيحية"[1] والتي ستتجاوز هذا الأمر في عصر الأنوار مع المصلحين الدينيين، في الحضارة المسيحية كبح التأويل الروحي وحل محله الجمود العقائدي المتسلط.
هيمنة المعنى الحرفي في الحضارة المسيحية لتسلط الكنيسة و تكريسها للمعنى الحرفي نظرا لأنه مسالم يخدم مصالحها أما المعنى الروحي فهو دائما ما يكون ثوريا. و لهذا عد العصر الوسيط في الثقافة المسيحية عصر ركود و انحطاط أما في الحضارة العربية الإسلامية فقد كان عصرا مزدهرا زاخرا بالتيارات الفكرية و التي سنتعرف على أهم ملامحها في القادم من العرض.

السؤال الأساس الذي يطرحه كوربان هو:

" هل ثمة ما يدعوا للبقاء عند ظاهر النص؟ (و عندها لن يكون للفلاسفة ما يفعلوه) أم ان القضية هي فهم 'المعنى الحقيقي' أي المعنى الروحاني للحقيقة؟"[2]

بتعبير أدق الشريعة هي الوجه الخارجي للحقيقة، و الحقيقة هي الوجه الباطن للشريعة. الشريعة رمز و مثال، و الحقيقة هي المرموز إليه... ويتميز المظهر الخارجي بالتغير المستمر أما المظهر الداخلي فهو غير خاضع للصيرورة ثابت لأنه الهي.
فكيف إذن يمكن أن تستمر هذه الحقيقة بدون نبي عارف بالأسرار و المشكل المطروح هنا هو أن النبوة قد أقفلت؟
وهذا هو ما تطرقنا إليه قبل قليل "حاجة المسلمين للتأويل ظهر بعيد وفاة النبي(ص)"، فحسب "كوربان" التأمل اللاحرفي للنص الديني لم يبتدء مع الفلاسفة بل مع الأئمة الشيعة. ويصف كوربان هذه البداية بالمأساة[3] بل بدأ بعيد وفاة النبي  ويقول أن هذه الواقعة كان سبب في أن بعثث الفلسفة بعثا رائعا في القرن السادس عشر في وسط شيعي.
و بالتالي فالفكر الشيعي هو الأساس الذي قامت عليه الفلسفة الإسلامية وان أعاق عليه التيار السني تقدمه.

1.   الخوارج:
يمثلون النشأة السياسية الأولى للفرق الكلامية يسمون أيضا بالحارورية نسبة إلى منطقة حاروراء فهؤلاء رفضوا القول بمبدأ التحكيم وقالوا بأن الخلافة لا توكل إلى بشر و انفصلوا عن جيش علي  و جعلوا من عبد الله بن وهب الراسي أميرا عليهم .
  2.   الشيعة:

 كلمة" تشيع" من" شيعة" و هي مجموع التابعين أو المشايعين وتعني مجموعة تألفت على فكرة الإمامة في شخص علي بن أبي طالب وفي خلفائه من بعده، كمفتتح لدور الولاية الذي يلي دور النبوة. و كلمة " إمام" يقصد بها ذلك الشخص الذي يقف أو يسير في المقدمة. إنه " القائد"، و هي تعني، عامة، الشخص الذي " يقود" حركات الصلاة، في المسجد... ولكن هذا المصطلح لا ينطبق من و جهة النظر الشيعية إلا على أفراد أهل بيت النبي المعصومين؛ وهم عند الشيعة ألاثني عشرية، المعصومون الأربعة عشر، نعني النبي و ابنته فاطمة و الأئمة ألاثني عشر.
وكان الأمة الواحد تلوى الأخر يقوم على الكتاب يفسره و يعلم تلامذته المعنى الباطن للوحي. و هذا التعليم هو ينبوع الباطنية في الإسلام[4].

3.   المرجئة
أصحاب هذه الفرقة لا يكفرون أحدا بل يرجئون أمره إلى الله الذي يطلع و يعلم خفايا صدورهم، وظهر في المرجئة طائفتان من الغلاة .
 الأولى: تقول أنه يكفي في الإنسان القول باللسان و إن اعتقد الرجل الكفر في قلبه.
الثانية: أن الإيمان عقد في القلب و إن أعلن صاحبه الكفر بلسانه وعبد الأوتان أو تهود أو تنصر فهو مؤمن و من أهل الجنة.

4. المعتزلة:

جماعة من المفكرين المسلمين، نشأة في البصرة منذ النصف الأول للقرن الثاني للهجرة. انضوى تحت لوائهم نخبة من المفكرين المسلمين و كانت بغداد مقرا لمدرستهم.

1.اسم الاعتزال:
يروي الشهرستاني أن أصل التسمية هو راجع للخلاف الذي وقع بين الحسن البصري وواصل بن عطاء الذي قال بالمنزلة بين المنزلتين عن مرتكب الكبيرة.


2.الأصول الخمسة

أ‌. التوحيد:  "وجاء كرد فعل ضد التثليث المسيحي"
تنفي المعتزلة عن الذات ألاهية كل الصفات ‘’ الله عز و جل لا كالأشياء و إنه ليس بجسم ولا عرض ولا عنصر ولاجزء ولا جوهر. بل هو الخالق للجسم و العرض و العنصر و الجزء و الجوهر و أن شيئا من الحواس لا يدركه في الدنيا و لا في الأخرة، و أنه لا يحصره المكان ولا تحتويه الأقطار بل هو الذي لم يزل ولا زمان ولا مكان ولا حد، و أنه الخالق للأشياء المبدع لها لا من شيءو أنه قديم و ما سواه محدث" المسعودي، مروج الذهب.
خلق القران : وهو رد فعل ضد التجسد
أصرت المعتزلة على القول بأن القران مخلوق في زمان و مكان محددين، لان القول بقدمه يقتضي تغيرا في حالة المتكلم  وأنه لاحق و أن إرادة الله متغيرة وهو محال في حقه كونه قديم لا تلحقه الأعراض

ب‌. العدل:
أخد مبدأ العدل منحنى منطقي متماسك بحيث لم يعد القول بأن الله عالم لكن الظلم لا يمكن أن يكون من صفات الله، أن الله قد خلق في الإنسان مبدأ التحسين و التقبيح العقليين.

ت‌.الوعد و الوعيد
1.كان الإله عادلا فهذا الأمر يعني إثابة المطيع و معاقبة العاصي وهذا أمر محتوم
2.الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
3.مجاهدة كل من يخالف أوامر الله و أحكامه و أوامره و نواهيه
4.يبدأ الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالقلب ثم اللسان ثم القوة .

ث‌. المنزلة بين المنزلتين:
هذه الفكرة هي بداية الفكر المعتزلي جوهره فواصل  بن عطاء عندما نطق بالمنزلة بين المنزلتين اعتزل الصراع السياسي الذي أخد غطاءا دينيا فهو لا ينتصر لأحد ولا يهزم أحدا.

ج‌. الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر:
الأصل الخامس و الأخير من أصول المعتزلة. فما دام الإيمان قول و فعل عند المعتزلة، وجب الحفاظ على هذا الرابط المقدس بين القول و الفعل، و الإبقاء عليه سواء على المستوى الفردي و الجماعي...ويدخل ضمن هذا الأصل إقامة الحدود و مراعاة العدالة و الإعداد للجهاد عند الإقتضاء.

5. القدرية

هم القائلون بحرية الإرادة أي أن الإنسان مختار في أفعاله حر في إرادته
والحق أن القران قد جمع بين الجبر و الاختيار و لم يقطع في أي منهما برأي مطلق و حاسم.

6.الأشاعرة

أبو الحسن الأشعري 260هـ 873م

 انتمى إلى المذهب الاعتزالي حتى بلغ ألاربعين من العمر، وكان من المناصرين له ولكنه فيما بعد ارتد عن هذا المذهب و تبرأ منه، والسبب في هذا يعزوه كوربان إلى اصطدامه بالنزعة العقلية الصارمة التي تميز بها المذهب، و الذي جعل من الإله مجرد فكرة تجريدية فاقدة للمعنى الماورائي.
 لقد رفض الأشعري الآراء المتطرفة للمعتزلة المفرطين في العقلانية و أهل النص و المعنى الحرفي .

أ‌. النزعة التوفيقية للأشعري تتمثل في ثلاث مشكلات:
1.صفات الله
إذا كانت المعتزلة ترى أن الصفات هي عين الذات ، وأهل النص اعتبروا  أن الصفات مجموعة معقدة تضاف إلى الذات الإلهية وأطلق عليهم اسم المشبهة فالأشعري يرى أن الله يتصف بالصفات التي أشار إليها القرآن وهي مغايرة للذات الإلهية لكن لا وجود لها خارج هذا الذات وعلى المؤمن الحقيقي أن يؤمن بها دون أن يسأل كيف.

2.مسألة خلق القران:
إذا كانت المعتزلة قد اعتبرت القرآن مخلوق و أهل النص رفضوا هذا الطرح فان الأشعري يجمع بين الرأيين فهو عندما يقول بقدم القرآن فهو يقصد هنا قدم الصفة الإلهية "الكلام" وعندما يقول بخلقه فهو مخلوق من حيث هو نص مكتوب مكون من كلمات و عندما يسأل الأشعري عن كيف يجمع بين هذين المتناقضين يجيب بأن على المؤمن أن يؤمن بلا سؤال .

3.حرية الإنسان:

قال الأشعري بنظرية الكسب: للإنسان ملكة قادرة على الكسب و ليست خالقة لكي لا يقع في الشرك فهذه الملكة قادرة على كسب الأفعال لا على خلقها بالتالي يكون الإنسان مسؤولا عن الأفعال التي يكسبها.

7.التصوف:

يقوم التصوف على أساس "التجربة الباطنية" الصميمة  و هي الجانب الإيجابي في حياة الإنسان، إن الحياة العقلية سلوكا و عقلا لا تمثل سوى السطح. وغاية المتصوف هي الاتحاد بالله، وهناك من عرف أصحاب هذا التيار بأنهم "معدن جميع العلوم و محل جميع الأحوال المحمودة و الأخلاق الشريفة" و هناك من عرفهم انطلاقا من لباسهم؛ وهذا يعني أن الصوفية سموا كذالك، لاشتهارهم بلبس الصوف. وقيل أيضا بأن التصوف "تخلية و تحلية"، أي تخلية النفس من الرذائل و المحرمات و تحليتها بالفضائل و توطينها على الأوامر الشرعية و المكارم الأخلاقية.

يقول كوربان في هذا الصدد: 

"والتصوف بإعتباره شاهدا للدين الصوفي في الإسلام، هو ظاهرة روحية لا تقدر. فهو اولا و قبل كل شيء، إثمار لرسالة النبي الروحانية و جهد مستمر لعيش أنماط الوحي القرأني عيشا شخصيا عن طريق الإستبطان. فالمعراج النبوي، الذي تعرف به الرسول على الأسرار الالهية، يظل النموذج الأول الذي حاول بلوغه جميع المتصوفين الواحد بعد الاخر. فالتصوف هو شهادة لا تنكر، و اعتراض ساطع من الاسلام الروحاني ضد كل نزعة حاولت حصر الإسلام بالشريعة و ظاهر النص".[5]




[1] .هنري كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، ص40                       
[2] نفس المرجع42
[3] نفس المرجع44
[4] نفس المرجع ص69
.هنري كوربان،تاريخ الفلسفة الإسلامية،ص283[5]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كافة الحقوق محفوظة 2012 © www.th3philo.comمدونة عالم الفلسفة

سياسة الخصوصية - Privacy Policy